الخميس، 25 أبريل 2013

ماذا أفعل؟

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



مفكرتي العزيزة التي أغيب عنها كثيرًا وأبدًا وتتحملني دائمًا

إنه يقول بابا...
بقدر سعادتي بسماع هذه الكلمة بقدر ألمي لها
أصبح صغيري الآن على أعتاب العام ونصف العام وأسمعه وهو يكرر كلمة بابا ويخطو أولى خطواته الغير ثابتة.. كم كنت أتمنى أن تلتقفه يداك يا عزيزي

لعل الله يجمعنا بك في جنات الخلد آمنين يا رب العالمين، ادع لي الله أن يعينني ويقويني على هذه المسئولية التي بين يدي

في الأسبوع الماضي أتت إلى مكتبي رئيسة القسم الذي أعمل فيه.. فاتحتني بموضوع لست أدري كيف أبت فيه؛ ما بين اندفاع الأمومة الجامح وبين ترقب وحذر الأرملة التي أصبحتها، أخذت أقلب الأمر في رأسي وأستشير من حولي ما بين مؤيد ومعارض

أخبرتني بأن رئيس قسم آخر بالمؤسسة -التي أعمل بها- ويبلغ من العمر 43 عام -أي يكبرني بـ 20 عامًا- توفيت زوجته منذ ما يزيد عن شهر عقب عملية ولادة متعثرة أسفرت عن وفاتها، بعد أن دام زواجهما لمدة عشرة أعوام دون إنجاب .. كما أخبرتني بتفاصيل كثيرة عن هذا الأمر

المهم في الموضوع ليس كما توارد لذهني في بادئ الأمر وهو أنه يريد أن يتزوج

ولكنه في الحقيقة لا يريد أن تحل أي امرأة محل زوجته -التي دام الود بينهما مدة عشرة أعوام رغم عدم قدرتهما على الإنجاب وعندما رزقهم الله طفلة فقد هو زوجته- ولكن الأمر يكمن في الطفلة نفسها فزوجته لم تكن لها أخوات كما توفي والداها منذ أعوام ولها شقيقين مسافران خارج البلاد وهو له شقيقة ولكنها كبيرة السن لا تقوى على رعاية طفلة

الأمر أن ابنة خالة زوجته كانت متكفلة برعاية الطفلة الفترة السابقة ولكنها اضطرت للتخلي عن هذه المسئولية بسبب مشاكل أسرية طالتها من جراء إهتمامها بالطفلة

استمعت إلى رئيستي في تململ -بعض الشيء- سعيًا وراء السطر الأخير من القصة

لأجدها تطلب مني أن أعتني بالطفلة كابنة لي في جزء من يومي وسيساعدني على ذلك كون لدي طفل رضيع
سألتها ولماذا لا يرسل في طلب مرضعة لطفلته
فأخبرتني بأنه لا يثق في المرضعات وكيفية معاملتهن للأطفال، وكيف سيتركها لها أثناء عمله وحدها بالمنزل
كما أخبرتني بشيء في الواقع لم يريحني وهو أنه غير حافل بالطفلة لاعتقاده بأنها السبب وراء وفاة زوجته والتي كانت مُصرة على أن تحقق لقب الأم والأب لهما

طلبت منها مهلة للتفكير في الأمر فإنه مسئولية كبيرة
وأكدت هي لي بأنني لن أتحمل أية أعباء مادية بل وإنني سوف لن أضطر لاستضافة الطفلة في منزلي لأنه يسعى لتسجيلها في حضانة المؤسسة أثناء النهار وسيمر ليأخذها مني عند المغرب كي تبيت لديه؛ فقد علمته قريبة زوجته كيف يعتني بنظافة الطفلة
وأخبرتني بأن دوري سوف ينحصر على الاهتمام بإطعام الطفلة ومتابعة تطعيماتها

في الواقع استغربت الأمر كثيرًا ولماذا أنا وهممت بالرفض لكنها أصرت علي في المهلة بأن أفكر وأستشير من حولي

وبالفعل عدت في ذلك اليوم لوالدتي وأخبرتها بالأمر وسألتها عما يجب أن أفعل وحمستني هي في البداية لما قالته عن عظيم الأجر الذي ينتظرني من الله في مقابل هذا العمل
ولكنها بعد أن فكرت مليًا شعرت بأنها هي الأخرى غير متحمسة للأمر وتتساءل وما فيها بأن يستأجر للطفلة مرضعة حتى تعتني بالطفلة طوال اليوم وتخوفَت من أن يكون ينتوي ترك الطفلة لمن يرعاها بعيدًا عنه ليباشر حياته دون ضغوط وفي نفس الوقت دون الشعور بالذنب تجاه ابنته

استيقظت في اليوم التالي على طرقات بابي .. فتحت لأجده أخي الذي عرف بالأمر من والدتي في الصباح فلم يمهل نفسه حتى الظهيرة أو عفى نفسه من عناء المشوار بأن يتصل بي عبر الهاتف ولكنه آثر أن يأتيني من فوره للحديث عن هذا الأمر -الجلل- الذي أنا بصدده والذي سوف يضر بسمعتي -على حد قوله- وكيف ولماذا ووو!!!

في الواقع صدمت من ثورته الغير مبررة وماذا في الأمر لكل هذا وهل أنا من الأساس وافقت كي تثور ثورته هكذا!! وبأي حق يثور عليّ من الأساس!!

تعجبت لموقفه في الواقع.. وشكرته على اهتمامه ورأيه في الأمر وودعته لدى الباب وذهبت لأبدل ثيابي وصغيري.. وخرجت مع قرة عيني إلى حديقة؛ لأنعم بالهواء النقي والطبيعة المريحة للأعصاب بعدما لقيته في أول يومي من صباح "رائع"

بالحديقة جلست وأمامي صغيري يلعب بجوار عربته .. يتشبث بثيابي ليقف رافعًا إليّ ذراعيه لأحتضنه.. فأرفعه إلي وأحتضنه بقوة وأفكر..

كيف أكون غليظة القلب إلى هذا الحد فأرفض ضم هذه اليتيمة التي لم ترى والدتها قط المتعطشة لحضن أم يرعاها وهي بعد قطعة لحم حمراء لم تكتسب من الحياة أية ملوثات.. فما الذي يخيفني في الأمر منها؟!!
فكرت وتساءلت ولماذا لا أكفلها وتكون أختًا لصغيري يمرحان معًا وينشغلان معًا عن الإحساس باليتم
ورعدت في أذني صيحات شقيقي العزيز وهو يرفض الأمر ويملي عليّ النصائح "الأوامر" بهذا الخصوص

كانت عطلة نهاية الأسبوع.. قررت العودة إلى المنزل لإكمال مهامي المنزلية وتأجيل التفكير بهذا الأمر إلى وقت لاحق

عدت للبيت وأخذت أتشاغل عن الأمر بمتطلبات ومهام حياتي اليومية إلى أن جاءني اتصال من خطيبة أخي -لم أكن قد أخبرتكِ مفكرتي بأن أخي عقد قرانه على جارتنا التي أخبرتك عنها سابقًا وأنهما يستعدان للزواج خلال بضعة أشهر- أخبرتها بما حدث وأخبرتني بأن شقيقي كان قد ذكر لها خطوط عريضة عن الموضوع ولكنها لم تفهم منه شيئًا كما اخبرتني بألا أتضايق من كلماته فهو يحبني ويخاف عليّ ولا يحب أن يسمع عني شيء يمسني وهذا ما دفعه للتحدث بهذه الطريقة وأنه هو من طلب منها بأن تطيب خاطري وأن تكلمني بشأن هذه الرضيعة وتحذرني من الأمر

ولكنها اكتفت بإخباري أن أفعل ما يمليه عليّ ضميري كأم لطفل يتيم وأن أستخير الله في هذا الأمر والله يفعل الخير.. شكرتها وانتهت المكالمة ولم تنتهي حيرتي
عدت للعمل في بداية الأسبوع وتجاهلت الموضوع كما لو لم يكن وانشغلت في عملي إلى أن فاتحتني رئيستي في العمل مرة أخرى بالأمس تتعجلني الرد فأخبرتها بأنني قد استخرت الله ولست أدري ماذا أفعل وبالطبع لا توجد مشكلة بأن أهتم بطفلة يتيمة منذ بداية الأسبوع القادم

ولست أدري هل ما فعلته صواب أم خطأ
ماذا تعتقدين يا مفكرتي العزيزة؟!! أفيديني

 

مُعجِزات © 2008. Design By: SkinCorner